سورة البقرة - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (البقرة)


        


{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (61)}
{استسقى} طلب السقيا لما عطشوا في التيه {الحجر} كان مربعاً ذراعاً في ذراع: تفجر من كل جهة ثلاث عيون، وروي أنّ آدم كان أهبطه من الجنة، وقيل هو جنس غيرمعين، وذلك أبلغ في الإعجاز {فانفجرت} قبله محذوف تقديره: فضربه فانفجرت {مَّشْرَبَهُمْ} أي موضع شربهم، وكانوا اثني عشر سبطاً لكل سبط عين {كُلُواْ} أي من المنّ والسلوى، واشربوا من الماء المذكور {وَفُومِهَا} هي الثوم، وقيل: الحنطة {أدنى} من الدنيء الحقير، وقيل: أصله أدون، ثم قلب بتأخير عينه وتقديم لامه {مِصْراً} قيل البلد المعروف وصرف لسكون وسطه. وقيل: هو غير معين فهم نكرة؛ لما روي أنهم نزلوا بالشام. {وَضُرِبَتْ} أي قضى عليهم بها، وألزموها. وجعله الزمخشري استعارة من ضرب القبة لأنها تعلو الإنسان وتحيط به {والمسكنة} الفاقة، وقيل: الجزية {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ} الإشارة إلى ضرب الذلة والمسكنة والغضب، والباء للتعليل {بِآيَاتِ الله} الآيات المتلوات أو العلامات {بِغَيْرِ الحق} معلوم أنه لا يقتل نبي إلاّ بغير حق، وذلك أفصح - وقرأ نافع وحده: النبيئين -.
فائدة: قال هنا {بِغَيْرِ الحق} بالتعريف باللام للعهد، لأنه قد تقررت الموجبات لقتل النفس، وقال في الموضع الآخر من آل عمران {بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 21] بالتنكير لاستغراق النفي، لأن تلك نزلت في المعاصرين لمحمد صلى الله عليه وسلم. {ذلك بِمَا عَصَواْ} يحتمل أن يكون تأكيداً للأول، وتكون الإشارة بذلك إلى القتل والكفر، والباء للتعليل. أي اجترأوا على الكفر وقتل الأنبياء لما انهمكوا في العصيان والعدوان.


{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)}
{إِنَّ الذين آمَنُواْ والذين هَادُواْ} الآية. قال ابن عباس: نسختها {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: 85] وقيل معناها: لأن هؤلاء الطوائف من آمن منهم إيماناً صحيحاً فله أجره فيكون في حق المؤمنين الثبات إلى الموت، وفي حق غيرهم الدخول في الإسلام، فلا نسخ، وقيل: إنها فيمن كان قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم فلا نسخ {فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ} مبتدأ، خبر أن.


{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63) ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (64) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66)}
{وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطور} لما جاء موسى بالتوراة أبوا أن يقبلوها فرفع الجبل فوقهم وقيل لهم: إن لم تأخذوها وقع عليكم {بِقُوَّةٍ} جدُّ في العلم بالتوراة أو العمل بها {اعتدوا مِنْكُمْ فِي السبت} اصطادوا فيه الحوت وكان محرماً عليهم {كُونُواْ قِرَدَةً} عبارة عن مسخهم، وخاسئين صفة أو خير ثان، ومعناه مبعدين كما يخسأ الكلب {فجعلناها} الضمير للفعلة وهي المسخ {نكالا} أي عقوبة لما تقدّم من ذنوبهم وما تأخر، وقيل: عبرة لمن تقدّم ومن تأخر.

7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14